بسم الله الرحمن الرحيم
يقف العالم اليوم على أعتاب ثورة علمية هائلة لا تقل عن الثورة الصناعية التي نقلته إلى عصر الآلات وعصر الصناعات أو الثورة التكنولوجية التي نقلته إلى عصر الفضاء، وهي ثورة الـ Nanotechnology أو التكنولوجيا متناهية الصغر، تلك التي تقوم على استخدام الجزيئات في صناعة كل شيء بمواصفات جديدة وفريدة ومتميزة وبتكلفة تصل في كثير من الأحيان إلى عشر التكلفة الحالية.وحتى نبسط الأمور سوف نشرح القصة من البداية
بادئ ذي بدأ تتفرع العلوم في ما تضعه محل البحث والدراسة الى مجالات شتى منها ما تبحث في الأجرام الكبيرة جدا وكل ما يخص علوم الفلك من الأرض الى الشمس الى المجموعة الشمسية الى النجوم المبعثرة في فضاء الكون بل و الكون كله المترامي الأطراف ، ومنها ما يوجه نظره الى المتناهي الصغر ، العالم الذي لا يمكننا أن نراه بالعين المجردة و لا حتى بأقوى الميكرسكوبات العادية
و بعد الثورة الهائلة التى صنعتها فيزياء الكم في فهمنا لتركيب الذرات ومستويات الطاقة الموجودة بداخلها ، توجهت انظار العلماء الى ذلك الكيان البالغ الصغر “الذرة” الوحدة البنائية الأولى لكل المواد بما فيهم انت نفسك ، وأدرك العلماء منذ أربعينيات القرن الماضي أن ترتيب الذرات بصورة محددة سوف يغير من الصفات الفيزيائية والكيميائية للمادة ، فانبثقت فروع جديد للمعرفة مثل الكيمياء الجزيئية والفيزياء الجزيئية ، لتتناول هذا الكيان بالدراسة والبحث يحدوهم الأمل في امكانية التحكم في الذرات وطريقة ترتيبها ، وبالتالي استخدام خواصها الفريدة فى عمليات الصناعة والوصول الى أقسى درجة استفادة ممكنة من المواد الخام المستخدمة بأقل حجم و أقل تكلفة.
بل فكر العلماء في أنه بأمكانهم ترتيب الذرات بالشكل الذي يتيح لهم الحصول علي جزيئات جديدة غير موجودة في الطبيعة ، وردت أشارة الى ذلك للمرة الأولى في محاضرة للعالم الفيزياء الأمريكي ريتشارد فينمان وكان ذلك عام 1959.
ففي عام 1959 ألقى فاينمان محاضرة في جامعة كاليفورنيا بعنوان “هناك حيز كبير في القاع” There’s Plenty of Room at the Bottom، قدم فاينمان ما يعد بجدارة بداية الكشف الثوري في تقنية النانو ، حيث أشار الى امكانية التحكم في أعادة تركيب الذرات والجزيئات في المادة من مقياس أصغر ثم الى مقياس أصغر فأصغر الى أن نصل الى القياس المطلوب وأوضح أن في هذا العالم الدقيق سوف تكون قوي الجاذبية غير مهمة ويكون التحكم لقوي أخري مثل التوتر السطحي وقوي فاندرفال ، وختم قائلا إن مبادئ الفيزياء لاتعارض قدرة التحكم على الأشياء جزيء جزيء ، لكنه لم يعطي تسمية للموضوع ، فقد اكتفى بتقديم أفكاره الثورية … لقد مهد فاينمان الطريق وترك المجال للأجيال التالية كي تسير عليه و تواصل البحث و الأكتشاف في هذا العالم البالغ الصغر ، ولم يظهر مصطلح تقنية النانو أو (النانو تكنولوجي) الى فى عام 1974 في جامعة طوكيو للعلوم ، وكان هذا المسمي قد أطلق على بحث جديد في احد أقسام الهندسة في الجامعة لفصل أو ربط أو تغيير المادة بمقدار ذرة أو جزيئة واحدة و ذلك من قبل الباحث الياباني نوريو تانيغوشي عندما حاول بهذا المصطلح التعبير عن وسائل و طرق تصنيع وعمليات تشغيل عناصر ميكانيكية وكهربائية بدقة ميكروية عالية ، .
ثم فى الثمانينات من القرن العشرين بدأ هذا العلم يتشكل وتطور هذا الحقل تطورا لافتا ، بعد عدد من المحاضرات وعدة كتب و أبحاث صدرت في هذا الميدان ، ومن أهمها ما كتبه الدكتور اريك دريكسلر وخصوصا أشهر كتبه “العصر القادم هو عصر التقنية النووية” والذي وضع تعريفا محددا لهذا العلم و أكسبه بصفة دائمة اسمه المعروف ، مما تسبب في زيادة عدد الأكتشافات في هذا الحقل وتطوره فى العقدين الأخيرين، حتي أن بعض الباحثين يعتبرونه المؤسس الفعلى لهذا العلم، و في عام 1991اكتشف الباحث الياباني سوميو ليجيما الأنابيب النانوية المؤلفة فقط من شبكة من الذرات الكربونية.
وعودة قلبلا الى الوراء ففي العام ١٩٦٥ كان أحد مؤسسي شركة إنتل وهو السيد جوردان مور قد تنبئ بأن عدد الترانزستورات الموجودة في حيز معين سيتضاعف عددها في نفس ذلك الحجم كل ١٨ شهراً. وذلك خلال العشر سنوات القادمة.
وما توقعه السيد مور حدث فعلا حتى سميت هذه الظاهرة بعد ذلك باسمه (نظرية مور) لكنها استمرت أكثر من مجرد عشر سنوات متجاوزة توقعات مور نفسه.
فمن عدد ترانزستورات لم تتجاوز الألفين في ال (original 4004) في العام ١٩٧١ إلى ما وصل عليه الحال اليوم أكثر من 700,000,000 ترانزستر في ال (core 2).
وبالطبع… تقلص في حجم هذه الترانزستورات لتصبح الدوائر الإلكترونية أصغر حجما… فمن عهد السانتيمترات في بداية السبعينات إلى قياسها بوحدة النانو متر في الدوائر الإلكترونية الحديثة.
وبأختصار فأن النانوتكنولوجي هو الجيل الخامس الذي ظهر في عالم الإلكترونيات وقد سبقه أولاً الجيل الأول الذي استخدم المصباح الإلكتروني ( Lamp) بما فيه التلفزيون ، والجيل الثاني الذي استخدم جهاز الترانزيستور ، ثم الجيل الثالث من الإلكترونيات الذي استخدام الدارات التكاملية (IC ( Integrate Circuit = وهي عبارة عن قطعة صغيرة جداً قامت باختزال حجم العديد من الأجهزة بل رفعت من كفاءتها وعددت من وظائفها .
وجاء الجيل الرابع باستخدام المعالجات الصغيرة Microprocessor الذي أحدث ثورة هائلة في مجال الإلكترونيات بإنتاج الحاسبات الشخصية (Personal Computer) والرقائق الكومبيترية السيليكونية التي أحدثت تقدماً في العديد من المجالات العلمية والصناعية . .
والأن تبدأ قصتنا وقصة العالم من حولنا مع النانو تكنولوجي
أربطوا الأحزمة لقد بدأ عصر “النانو تكنولوجي”
ولننطلق لفهم هذا العالم بمزيد من التفصيل …
كما قلنا دراسة عالم النانو تبحث فى أساسات البناء لكل ما نراه حولنا … ومن هذه الدراسة يرغب العاملون في هذا المجال الى أحداث تغييرات على مستوى الذرات والجزيئات وما هو دون ذلك حجما.
لكن كيف ؟ ولماذا ؟ وماذا حدث في سبيل تعديل وتغيير العوالم الصغيرة جدا؟
هذا ما سنعمل على شرحه في هذا البحث.
ماهية تكنولوجيا النانو.
كلمة نانو “Nano” هي كلمة يونانية قديمة تعني “قزم” وتم استخدام مصطلح النانو كبادئة أو “Prefix” للتعبير عن الجزء من المليار ، فمثلا كلمة “نانو جرام” تعني جزءاً من ألف مليون جزء من الجرام ، فالنانومتر هو واحد على المليار من المتر ولكي نتخيل صغر النانو متر نذكر ما يلي ؛ تبلغ سماكة الشعرة الواحدة للإنسان 50 ميكرومترا أي 50,000 نانو متر, وأصغر الأشياء التي يمكن للإنسان رؤيتها بالعين المجردة يبلغ عرضها حوالي 10,000 نانو متر، وعندما تصطف عشر ذرات من الهيدروجين فإن طولها يبلغ نانو مترا واحدا فيا له من شيء دقيق للغاية.
والأن وحتى لا نضيع في المصطلحات المتخصصة فأن تكنولوجيا النانو هي مقدرة الإنسان على تصنيع المادة والأجهزة والأنظمة عند مقياس النانو وكما قلنا فأن مقياس النانو هو واحد من المليار من المتر، بمعنى لو قسمنا المتر إلى ألف قسم لحصلنا على المليمتر ولو قسمنا المليمتر إلى ألف قسم لحصلنا على المايكرومتر ولو قسمنا المايكرومتر إلى ألف قسم فسوف نحصل على النانومتر وهو بمثابة أن يأخذ إنسان شعرة من رأسه وينظر إليها ويتخيل أنه يستطيع أن يقلص قطرها ثمانين ألف مرة، فهذا هو مقياس النانومتر.
تطبيقات النانو
مجالات و تطبيقات تقنية النانو واسعة وتكاد تشمل كل أنواع العلوم والصناعات . هذه التقنية ستكون قادرة في فترة قريبة على التأثير في كل مجالات الحياة ، بطريقة لا يمكن توقعها ، وتفوق قدرة الخيال على تصورها ، وقد بدأت بالفعل هذه التقنيّة في الدخول إلى مجالات الطب والصناعة والإلكترونيات والصناعة الحربيّة ، إضافة إلى أنها تحمل حلولاً لكثير من مشكلات البيئة والصحة والتقنية
الطب
يطمح الأطباء في تطوير وسائل لفحص الخلايا البشرية,عوضاً عن الأنسجة , خلية خلية ,لاقتلاع الخلايا السرطانية , والخلايا المريضة, واحدة تلو الأخرى ونفيه خارج الجسد، ويطمح الباحثون كذلك الى التغلغل داخل مكونات الحمض النووي للمرضى وأن يتحكموا بجزيء بروتيني بعينه في خيط موروث محدد مسبقاً في جسمه ليقضوا على المرض أويزيلوا الظاهرة الوراثية منه فلا تنتقل لذريته من بعده أبداً.
ولا يتوقع أحد أن يتم التعامل مع الجسم البشري بهذا المستوى الرفيع من الدقة بواسطة الكشف الطبي المباشر ، لكن يوجد توجه جاد لتطوير أطباء إلكترونيين وعقاقير آلية بحجم الخلايا والذرات , يتم تصنيعها وبرمجتها لتنطلق في جسم الإنسان وتنساب داخل مجرى الدم ونسيج البدن لتبحث عن الخلايا المريضة فتقتلها أو تصل إلى الجزء المصاب فتحقنه بعقار أو تجري عملية جراحية دقيقة داخل الجسم بذاتها ودون أن يشعر المريض ، ومشروع المركبات الدقيقة التي تسير مع كريات الدم الحمراء أمر محتمل تحقيقه في المستقبل القريب وذلك عن طريق علم النانو تكنولوجي أو التقنية الدقيقة والتقنيات الهندسية اللازمة لتصنيع (روبوتات )بهذا الحجم الفائق الضالة موجودة بالفعل , والدراسات لتوجيهها لهذا الفرع الطبي تجري على قدم وساق
ويطمح الباحثون كذلك الى التغلغل داخل مكونات الحمض النووي للمرضى وأن يتحكموا بجزيء بروتيني بعينه في خيط موروث محدد مسبقاًفي جسمه ليقضوا على المرض أويزيلوا الظاهرة الوراثية منه فلا تنتقل لذريته من بعده أبداً، ولا يتوقع أحد أن يتم التعامل مع الجسم البشري بهذا المستوى الرفيع من الدقة بواسطة الكشف الطبي المباشر ، لكن يوجد توجه جاد لتطوير أطباء إلكترونيين وعقاقير آلية بحجم الخلايا والذرات , يتم تصنيعها وبرمجتها لتنطلق في جسم الإنسان وتنساب داخل مجرى الدم ونسيج البدن لتبحث عن الخلايا المريضة فتقتلها أو تصل إلى الجزء المصاب فتحقنه بعقار أو تجري عملية جراحية دقيقة داخل الجسم بذاتها ودون أن يشعر المريض ، ومشروع المركبات الدقيقة التي تسير مع كريات الدم الحمراء أمر محتمل تحقيقه في المستقبل القريب وذلك عن طريق علم النانو تكنولوجي أو التقنية الدقيقة والتقنيات الهندسية اللازمة لتصنيع (روبوتات )بهذا الحجم الفائق الضالة موجودة بالفعل , والدراسات لتوجيهها لهذا الفرع الطبي تجري على قدم وساق .
يرى العلماء أن مواجهة الأمراض الأكثر فتكاً بالإنسان كالسرطان، تغدو ممكنة في غضون السنوات المقبلة، بفضل التقدّم في طب النانو «نانو- ميدسين» Nano-medicine الذي بدأت كثير من بحوثه وتطبيقاته التجريبية في مراكز البحوث عالميّاً، فالأجهزة الدقيقة لديها الكفائة على أن تعمل بشكل جذري في سبيل علاج السرطان بطرق ذات فاعلية ومبتكرة لا يمكن تطبيقها بالوسائل التقليدية ، وذلك لأن الوسائل الدقيقة، على سبيل المثال يمكن أن تعمل كأدوات مصممة حسب الطلب تهدف لتوصيل الدواء وقادرة على وضع كميات كبيرة من العناصرالكيميائية العلاجية أو الجينات العلاجية داخل الخلايا السرطانية مع تجنب الخلايا السليمة وسوف يعمل ذلك بشكل كبير من تخفيض أو التخلص من المضاعفات الجانبية السلبية التي تصاحب معظم طرق العلاج الحالية للسرطان..
قام معهد Foresight Nanotech Institute في كاليفورنيا بوضع أطار عام لما تمكن ان تمثله تقنية النانو لنا في حقل الطب. ” الأشخاص الذين يعانون من أمراض معينة الأشخاص كبار السن أو الذين أصيبو في حادث ما ، هم يعانون بسبب تسلسل غير صحيح للذرات ، قد يكون فيروس هو المسبب لهذه الوضعية الخاطئة للذرات ، قد يكون الزمن هو المسبب لها ، أو حادث مروري مؤسف ، الأدوات القادرة علي اعادة ترتيب الذرات ستكون ايضا قادرة على السماح لهؤلاء الأشخاص بتجاوز عللهم ، تكنولوجيا النانو تشكل جزءا أساسيا في الطب”
هذا ومن المتوقع في المستقبل القريب ، الوصول الى استخدام هذه التكنولوجيا ايضا في العمليات الجراحية لتصحيح أو تحفيز الخلايا لتمكينها من التكاثر مجددا.
صناعة الدواء
كان لتداخل تقنـيّة الـنانو الـحيـويّة مع الكيمياء الحيويّة وعلمي الوراثة البيولوجيا الجزيئية، تأثير عميق في تطوّر طُرُق التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض والمشاكل الصحيّة، خصوصاً التعرّف بدقّة الى الأسباب المؤديّة إلى المرض ، وقد شهدت السنوات الأخيرة تسارعاً في إدخال التكنولوجيا في صناعة الدواء وطرق تناوله أو إعطائه ، ومع بداية العام الحالي طورت العديد من مراكز الأبحاث تقنيات جديدة في الصناعة الدوائية في مهمة يسعى العلماء والباحثون من خلالها للوصول إلى أفضل النتائج في خدمة البشرية خصوصاً في مجال معالجة الأمراض التي بدأت بالتزايد والتعقيد ، فبعد أن كانت عملية تطور واكتشاف الأدوية تسير ببطئٍ في القرون الماضية شهدت العقود الأخيرة ظهور أنماط وأشكال جديدة لهذا العلم ، فقد تم تطوير (روبوت) يقوم بصناعة نحو 30 نوعاً من الأدوية والمحاليل الوريدية وأدوية علاج السرطان ، في حين تم تطوير تقنية (النانو) في إعطاء الجرعات الدوائية ، وأدى هذا الأمر إلى تحقيق طفرة تكنولوجية كبيرة في صناعة الأدوية، وابتكار طُرُق جديدة وفعّالة في عمليات توصيل الدواء إلى خلايا معينة في الجسم، وتقديم تقنيّات حديثة ومتقدّمة لقهر السرطان ودحره من دون تدخّل جراحي، إضافة إلى ابتكارات تتعلّق بموضوع زراعة الأنسجة في جسم الإنسان.
الكيمياء
هناك حقيقة علمية تقول أنه كلما صغرت حجم الحبيبات زادت نسبة المساحة السطحية الى الحجم – ويمكنك فهم وتخيل هذه النقطة بالمقارنة بين مساحة سطح اى جسم وحجمه مثل الكرة فكلما صغر نصف القطر زادت المساحة السطحية مقارنة بالحجم – وهذه النقطة هامة جدا في المساعدة علي زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية ، وكذلك بروز أكبر لبعض الظواهر الفيزيائية ، وهذه التأثيرات لا تكون واضحة ولا تظهر بالذهاب من الأحجام الأعتيادية الى مقياس الميكرو ولكن تظهر اذا وصلنا الى مقياس النانو ، ولهذه التأثيرات ظواهر عجيبة منها مثلا تحول بعض المواد الى الشفافية مثل (النحاس) ، و تحول بعض المواد الخاملة الى مواد سريعة التفاعل مثل (البلاتينيوم) وتحول بعض المواد المستقرة الى عكس ذلك مثل (الألومنيوم) وتحول بعض المواد من الحالة الصلبة الى الحالة السائلة في درجات حرارة اعتيادية مثل (الذهب) وتحول بعض المواد العازلة الى مواد موصلة مثل (السيليكون) وقد وصل علم الكيمياء التركيببية الى درجة من التقدم بحيث أصبح من الممكن تشكيل أى جزيئة بأى شكل نشاء ، وهذه الطرق تستعمل اليوم لتصنيع مركبات كيميائية مفيدة مثل بعض الأدوية و مواد التجميل وبعض اللدائن
,ومن المعروف جيدا لدى الأختصاصيين اهمية ترتيب الذرات في الجزيئة ، وكيف أن ترتيبها بطريقة معينة يعطي تلك الجزيئات صفات فيزيائية وكيميائية معينة ، و أن هذه الصفات تعتمد تماما على ترتيب الذرات داخل الجزيئة ، و أفضل مثال نضربه هنا هو أن الحجر الكريم (الألماس) والفحم الذي هو وقود رخيص كلاهما كربون ، لكن ترتيب الذرات في جزيئات الماس يختلف عن ترتيب الذرات في جزيئات الفحم .
إذن علام يتوقف تحول الكربون إلى فحم، أو إلى ماس؟ وكيف يحصل أن السليكون قد يصبح رملا وقد يصبح رقاقة كمبيوترية؟ كل شيء يتوقف على كيفية تتابع الذرات ذاتها وتوزعها إزاء بعضها البعض. على بنائها بالذات تتوقف ماهية المادة التي ستظهر: هل هي متينة أو هشة، وهل هي رخيصة أو ثمينة… القدرة على توزع الذرات والجزيئيات فيما بينها ستفتح أمام الناس بابا تختفي وراءه إمكانيات جديدة تماما، كما يؤكد النانوتكنولوجيون.
الميكانيكا
تصنيع ألآت ومحركات متناهية الصغر والقدرة على التحكم في درجة حرارتها أثناء العمل وبخصائصها الكهربائية والمغناطيسية والبصرية هو أهم ما يصبو علماء ومتخصصوا الميكانيكا في الوصول اليه.
هناك اتجاه على سبيل المثال لتطوير أجزاء خاصة بمحركات السيارات بالأعتماد على مواد نانونية مضادة للحرارة و لا تتأثر بمقدار وزمن عملها (أى أنها لا تهترئ)
توجد رغبة ايضاً لتطوير محركات تعتمد على تكنولوجيا النانو و قادرة على أنشاء نفسها بشكل تلقائى مما يعني أنها ستكون قادرة على الأستمرار في العمل سنوات وسنوات دون توقف ، لماذا سنحتاج هذه المحركات وأين يمكننا أستخدامها في الرحلات الفضائية الطويلة جدا.
الكمبيوتر و الأتصالات
أول ما علينا ذكره هو أن الأنترنت بالصورة التى عليها اليوم لم يكن ليوجد لولا تكنولوجيا النانو ؛ فكل التطورات الخاصة بالألياف البصرية المستعمبة في جميع نقاط الشبكات العالمية جاءت من هذا الحقل العلمي ، ولهذا نجد أن سرعة نقل المعلومات تصل الى ما بين (2.5) و(10) مليار بيت في الثانية.
الأتجاه الأن هو لأستخدام هذه التكنولوجيا علي نطاق واسع في تصنيع أجزاء الكمبيوتر ، التكنولوجيا المعتمدة على السيلكون تكاد تصل الى أقصى حدودها الممكنة ، إن لم تكن قد وصلت أليها بالفعل ،اعتمدت تصميمات الذاكرة الإلكترونية فيما مضى على بنية الترانزستورات. إلا أن البحث في مجال الإلكترونيات القائمة على شكل أنبوب crossbar switch قد وفرت بديلاً من خلال استخدام الربطات الداخلية المعاد تشكيلها فيما بين حزم وصفائف الأسلاك العمودية والأفقية وذلك بهدف إنتاج ذاكرة مرتفعةً الكثافة. وتعد كلٌ من شركة نانتيرو والتي قامت بتطوير الذاكرة العريضة القائمة على الأنابيب النانوية الكربونية والتي تسمى ذاكرة الوصول العشوائي النانوية بالإضافة إلى شركة هوليت-باكارد والتي اقترحت استخدام مواد ممرستور في عملية إحلالٍ مستقبليٍ لذاكرة الفلاش..
التطبيقات العسكرية
كما نعلم فإن التطبيقات العسكرية لا تعني ذخيرة فقط وانما تعنى كثيرا البقاء في الميدان في حالة من الراحة والسيطرة والتفوق ، وكالعادة فأن التطبيقات العسكرية لا تترك اكتشافا علميا ثوريا الا وحاولت ان تضمه التى ترسانتها العسكرية وأن تحيطه بهالة من السرية ، فالسباق العسكري بين الأمم يجعلها تتقاتل من اجل الأستحواذ على اهم و أحدث المعارف الحديثة لتحقيق السبق والتفوق ، وما فعلته الأمم سابقا مع التكنولوجيا النووية ابان وبعد الحرب العالمية الثانية تمارسه الأن مع تكنولوجيا النانو، و ترجع أهمية التطبيقات المختلفة لتقنية النانو في المجالات العسكرية والأمنية والفضائية نظرا للتطوّر السريع في التكتيك العسكري والأمني والفضائي، بالإضافة إلى سباق التسلح وامتلاك الفضاء، هذا التطوّر التقني الدقيق لم يعد سرا من الأسرار العسكرية، فالقوى العظمى تتنافس في السيطرة والهيمنة على العالم
فمثلا تسعي المؤسسات العسكرية الى تصنيع ما يعد خرقا هائلا لمنظومات نانوية هجومية لها شكل وحجم حشرة اعتيادية تطير وتستطيع مطاردة الخصم و متابعته وتصويره بل وحتى قتله
يقول الأدميرال “ديفيد جيرمايا ” نائب الرئيس السابق لهيئة أركان الحرب الأمريكية في ورقة بحثية بعنوان “النانوتكنولوجي والأمن العالمي” (إلتهام قوة معادية في ساعات قليلة بجيوش غير مرئية من أجهزة الروبوتات التي تستطيع أن تنسخ نفسها وتتكاثر).
وحول اهتمام إسرائيل بتطوير ترسانة من الأسلحة تعتمد على النانو تكنولوجي يقول “شيمون بيريز ” لقد أثبتت حرب لبنان أننا بحاجة إلى وسائل قتالية صغيرة جدا فمن غير المعقول أن نرسل طائرة تصل تكلفتها إلى أكثر من 100 مليون دولار لملاحقة مقاتل انتحاري واحد لهذا فتكنولوجيا النانو ستتيح لنا بناء أسلحة مستقبلية.
ويذكر ”شيمون بيريز ” دائماً بأهمية الاستفادة من هذه التكنولوجيا الحديثة واستغلالها للاغراض العسكرية ففي لقاء اجرته معه صحيفة يديعوت احرونوت قال بيريز ان النانوتكنولوجيا تعتبر ثورة حقيقية وامتداد للتكنولوجيا النووية من حيث الفاعلية والتأثير، كما ان هذه التكنولوجيا ستغير وجه الحرب والسلام في المنطقة وستكون رقماً هاماً ولا يمكن تجاهله في هذه المعادلة تماماً كما فعلت التقنية النووية الإسرائيلية في السابق.
في مجال تقنيه النانو العسكري (Nanomilitary) فإن التخيلات العلمية والبحثية تعتبر الأساس في البحث والتقصي والاستنباط لمختلف فروع السلاح العسكري، والذي يدخل ضمن السلاح العسكري للقوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي. تعتبر طائرة الشبح على سبيل المثال، مثالا واضحا لتلك التخيلات والتي من المتوقع أن يتم تطويرها استنادا إلى تقنية النانو ليتم معها أيضا إنتاج غواصات صغيرة الحجم ذات مقاومة عالية للصدمات الحرارية والميكانيكية المختلفة، بالإضافة إلى طائرات وسفن بحرية دقيقة الحجم ذات سرعة فائقة تستوعب أعدادا كبيرة من العتاد والمؤن والجنود
أولى هذه التطبيقات ما يعرف بالدرع الفوري وهو عبارة عن سترات عسكرية واقية ضد الرصاص يمكن أن تسمح بدخول الهواء وتمنع دخول الغازات السامة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية تتغير مواصفاتها وخصائصها عن طريق تغيير المجال الكهربائي أو المغناطيسي المطبق عليها كما يمكن لها تغيير لونه الخارجي إلى أشكال متنوعة بهدف التمويه والتخفي ويمكن أن تتحول إلى جبيرة مؤقتة عند حدوث الكسر أو ضاغط لمنع النزيف بل يتوقع العلماء أن تصبح أكثر ذكاء من خلال حساسات نانوية يمكنها الكشف عن الحالة الفيزيائية للجندي من حيث الضغط ونبضات القلب والإجهاد.
وهنالك الكثير مثل احتواء الملابس على ألياف تعمل كبطاريات بأحجام متناهية في الصغر ومجسات للاستشعار وإنتاج عضلات خارجية مزروعة داخل الزى العسكري لتعطي الجندي قوة خارقة ، ومن ذلك الوسادة الهوائية الخاصة بالجنود والتي تعمل على تصلب الرصاصة في جزء صغير جدا من الثانية لكي لا تخترق جسد الجندي.
وهنالك الكثير مثل احتواء الملابس على ألياف تعمل كبطاريات بأحجام متناهية في الصغر ومجسات للاستشعار وإنتاج عضلات خارجية مزروعة داخل الزى العسكري لتعطي الجندي قوة خارقة ، ومن ذلك الوسادة الهوائية الخاصة بالجنود والتي تعمل على تصلب الرصاصة في جزء صغير جدا من الثانية لكي لا تخترق جسد الجندي.
وقد تمكن فريق بحثي صيني من صنع صدريات مضادة للرصاص من الأنابيب النانوية وكذلك طور فريق بحثي أمريكي لتطوير معدات عالية التكنولوجيا يجعل الجنود غير مرئيين ويقفزون فوق الجدران لستة أمتار ويعالجون جروحهم في ميادين القتال.
بالأمس القريب كانت لدينا أسلحة الدمار الشامل (General Weapons Destroyed)، والتي تتضمن السلاح البيولوجي(Biological Weapons)، والسلاح الكيميائي (Chemical Weapons)، والسلاح النووي (Nuclear Weapons)، وذلك لإنتاج أسلحة فتاكة ذات تأثير فعال سريع. ثم تطوّر الأمر ليصبح لدينا خليط من السلاح أكثر ضراوة يجمع بين الأسلحة الثلاثة السابقة، وقد تم للقوى العظمى ذلك مما أذهل العالم من خطورة ذلك الناتج العجيب. واليوم تم الانتقال تماما من تلك الأسلحة التقليدية حديثة العهد إلى السلاح المعتمد على تقنيه النانو.
المسلمون إستخدموا تكنولوجيا النانو منذ قرون.
السيف الاسلامى المحدب الشهير الذى استخدم ضد الفرسان المسيحيين فى الحروب الصليبية ربما كان مميتا إلى هذا الحد الكبير الذى كان عليه لأن صانعى الشفرات المسلمين خلال العصور الوسطى استخدموا شكلا من أشكال النانو تكنولوجى -التكنولوجيا الدقيقة متناهية الصغر- بحسب ما ذكره خبراء ألمان. فقد ……
ومن المعتقد أنها صنعت من قطع صغيرة من الصلب المعروفة باسم “ووتز” كانت تنتج فى الهند القديمة.
وكان الصلب يعالج بعد ذلك بطريقة معقدة بيد أن أسرار هذه التقنيات فقدت فى القرن 18.
وعجز حدادو أوروبا عن القيام بهذه العملية.
وظلت الكيفية التى تمكن بها حدادو العصور الوسطى من التغلب على ضعف المادة الصلبة لاخراج هذا المنتج النهائى القوى سرا من الاسرار حتى يومنا هذا.
بيد أن العلماء بدأوا الآن فى إزاحة الستار عن أسرار السيف الدمشقى وكانت النتائج مدهشة.
واليوم صارت تلك الأنابيب متناهية الصغر المصنوعة من الكربون قمة تكنولوجيا النانو أو علم المواد متناهية الصغر التى تعد بتغيير نمط حياتنا.
كما وجدت بقايا ” لاسلاك متناهية فى الصغر” من الكربيد. هذه الاسلاك المصنوعة من مادة شديدة الصلابة ربما احتوت داخلها على أنابيب متناهية الصغر من الكربون وأنها هى التى أعطت للسلاح قوته غير الطبيعية وشكله الاخاذ.
ويقول فريق من الباحثين يقوده بيتر بوفلر من الجامعة التكنولوجيا بمدينة دريسدن الالمانية ” استطاع الحدادون من خلال تطوير معالجة الشفرة لاقصى حد ممكن من عمل أنابيب متناهية فى الصغر قبل أكثر من 400 سنة”.
وهم يعتقدون أنه بمزيد من الدراسة لتركيبة السيف ربما صار من الممكن إعادة إنتاج هذه الوصفة التى طال نسيانها للصلب الدمشقي.
تعليقات
إرسال تعليق